أثار الباحثون في الصين مخاوف متزايدة من احتمال انتقال متحور مثير للقلق من فيروس الإنفلونزا، الذي يمكن أن ينتقل من الماشية إلى البشر. أظهرت دراسة حديثة أن الفيروس المعروف باسم الإنفلونزا D (IDV) يشهد تحورات قد تمكنه من تجاوز الحاجز الحيواني والانتشار بين البشر. قاد فريق من معهد تشانغتشون للأبحاث البيطرية الدراسة التي ركزت على سلالة معينة من الفيروس تُعرف باسم D/HY11، والتي رُصدت لأول مرة في الماشية بشمال شرق الصين عام 2023. أوضحت النتائج أن هذا المتحور ينمو ويتكاثر في خلايا مجرى الهواء البشري وفي أنسجة حيوانية متعددة، مما يشير إلى احتمال تكيّفه مع البيئة البشرية. خلال التجارب، تبين أن الفيروس قادر على الانتقال عبر الهواء بين الحيوانات، بما في ذلك القوارض والنمس، دون أي تلامس مباشر، مما يرجح إمكانية انتقاله جوا بين الأشخاص في المستقبل. أظهرت فحوصات الدم أن نحو 74% من سكان شمال شرق الصين لديهم أجسام مضادة للفيروس، مما يدل على تعرض واسع له، بينما ارتفعت النسبة إلى 97% بين من ظهرت عليهم أعراض تنفسية. ومع ذلك، لم يُحسم بعد ما إذا كانت العدوى تنتقل من إنسان إلى آخر أم أن الحالات الحالية ناتجة عن انتقال مباشر من الحيوانات. أكد الفريق البحثي في دراسته أن: "تفشي فيروس الإنفلونزا D يُحتمل أن يكون قد تحول إلى مشكلة مستمرة تصيب الماشية والبشر على حد سواء". اختبر الباحثون الفيروس على خلايا من البشر والحيوانات لمحاكاة مجرى الهواء الطبيعي، فوجدوا أنه يصيب جميعها ويتكاثر بكفاءة عالية. كما أظهرت التحاليل أن بوليميراز سلالة الفيروس D/HY11 يتمتع بنشاط متزايد، وهي خاصية ترتبط غالبا بقدرة أعلى على الانتشار بين الثدييات. في ما يتعلق بالعلاج، كان الفيروس حساسا للأدوية الحديثة مثل "بالوكسافير"، لكنه مقاوم للعقاقير الشائعة مثل "تاميفلو"، مما يثير تساؤلات حول فعالية العلاجات الحالية في حال تحول الفيروس إلى عامل مُمرض بشري. أشارت تحاليل مصل الدم بأثر رجعي (2020–2024) إلى أن فيروس الإنفلونزا D ربما ينتشر في شمال شرق الصين منذ عام 2020 دون اكتشافه رسميا، في ظل غياب اختبارات روتينية لرصده، مما يعزز المخاوف من انتشار صامت لسلالات جديدة من الفيروس. تم نشر نتائج الدراسة في مجلة Emerging Microbes & Infections، وأكدت شبكات المراقبة الصحية الدولية أنها تتابع تطورات الفيروس عن كثب، في ظل تزايد المخاوف العالمية من تكرار سيناريوهات الجائحة.