يرتبط إنتاج حقول النفط المشتركة بين إيران والعراق بالجوانب القانونية والتقنيات المتطورة وسط تفاوت الاستثمارات في هذه الموارد. يقع نحو 20% من احتياطيات إيران من النفط والغاز في حقول مشتركة مع دول مجاورة، وقد يؤدي عدم تطويرها إلى تكبد البلاد خسائر فادحة. تشهد هذه الحقول منافسة شرسة، إذ تسعى كل دولة إلى تعظيم حصتها، مما يبرز ضرورة الاستثمار الاستراتيجي لإيران للحفاظ على الإنتاج الحالي وتوسيع القدرة الإنتاجية.
تمثل الحقول المشتركة على طول الحدود بين البلدين ما يقرب من خُمس إجمالي احتياطيات إيران. أي تأخير في استغلال هذه الموارد ينذر بخسائر فادحة للمصالح الوطنية، ما يوضح الحاجة إلى استراتيجيات تنمية منسقة. شهد إنتاج النفط العراقي زيادة ملحوظة بفضل حقول مثل ياران ويادافاران وآزادكان، حيث ارتفع الإنتاج من نحو 300 ألف برميل يوميًا إلى حوالي 4.5 مليون برميل يوميًا، مما يعكس استثمارات كبيرة وتعاونًا استراتيجيًا.
قدرت المرحلة الأولية من تطوير حقل يادافاران بإنتاج 85 ألف برميل يوميًا، ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج لاحقًا إلى 180 ألف برميل يوميًا، ليصل في النهاية إلى 300 ألف برميل يوميًا. وفي السياق نفسه، أضاف حقل آزادكان 50 ألف برميل يوميًا. تهدف الخطط طويلة الأجل إلى تحقيق نمو تدريجي وتحسينات في البنية التحتية للوصول إلى إنتاج ثابت يبلغ 550 ألف برميل يوميًا خلال 8 سنوات.
تشكّل هذه الحقول جزءًا من تشكيلات جيولوجية أكبر تتجاوز الحدود السياسية، مما يفرض قضايا تقنية وقانونية ودبلوماسية صعبة. لا توجد إجراءات واضحة لتنسيق تطوير الحقول التعاونية مع العراق، مما يحد من قدرة إيران على الاستفادة من هذه الموارد بشكل كامل.
تواجه إيران عقبات كبيرة نتيجة لعقوبات وضعف القطاع الخاص، حيث انخفضت استثمارات الاستكشاف والإنتاج بشكل كبير. في المقابل، يجذب العراق استثمارات دولية كبيرة، مما يعزز إنتاجه ويظهر الفجوة بين البلدين في التعامل مع هذه الاحتياطيات المشتركة.
تُظهر عودة شركة إكسون موبيل الأميركية المتوقعة إلى العراق اهتمامًا عالميًا متزايدًا بصناعة النفط في البلاد. تُجري الشركة محادثات لاستئناف العمليات في حقل مجنون الذي يقع على الحدود مع إيران. على الرغم من التحديات، فإن هذا التطور يعكس الثقة في استدامة إنتاج العراق.
من المتوقع أن تعزز هذه المبادرة مستويات إنتاج العراق وتجذب المزيد من رأس المال الأجنبي، مما يكشف الفجوات الكبيرة في تعامل إيران مع الحقول المشتركة. يُصنف حقل مجنون ضمن أهم احتياطيات العراق، ويُركز التعاون مع إكسون موبيل على تحديث نطاق الاستخراج وتحسينات على أنظمة التصدير.
يزيد هذا التطور من ثقة المستثمرين بعد مغادرة الشركة في عام 2024، ويعكس سعي بغداد لتجاوز قدرتها الإنتاجية 6 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2029. يُعزز هذا الاتجاه مكانة العراق في مجال الطاقة، مما يهدد إيران ويشير إلى خريطة طاقة متطورة في الشرق الأوسط.