شهدت محافظة نينوى شمال العراق افتتاح كنيسة "مار توما" للسريان الأرثوذكس، المعروفة محلياً بـ "أم الكنائس السريانية في العراق"، في مدينة الموصل، بعد نحو عقد من التدمير الذي لحق بها جراء اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي للمدينة عام 2014. وقد حضر الافتتاح رئيس الحكومة المحلية في نينوى، عبد القادر الدخيل، وبطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم، الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بالإضافة إلى مواطنين عراقيين من الديانة المسيحية الذين توافدوا من مختلف مناطق المحافظة للمشاركة في هذا الحدث التاريخي.
وخلال كلمته في المراسم، قال الدخيل: "إعادة إعمار الكنائس والمعابد إلى جانب المساجد والأسواق القديمة، تمثل رسالة واضحة على أن الموصل تستعيد وجهها الحقيقي كمدينة للتنوع والسلام".
وفي مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أعلنت وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية عن اكتمال مشروع إعادة إعمار كنيسة مار توما للسريان الأرثوذكس، بعد جهود استمرت عدة سنوات بالتعاون مع مفتشية آثار نينوى وبدعم من عدد من المنظمات الدولية المانحة، من بينها منظمة "إليف" (ALIPH) المعنية بحماية التراث في مناطق النزاع.
تعتبر كنيسة مار توما واحدة من أقدم وأهم الكنائس التاريخية في الموصل، حيث يطلق عليها الأهالي لقب "أم الكنائس السريانية في العراق" لما تمثله من مكانة روحية وتاريخية عميقة لدى مسيحيي المنطقة. وتروي المصادر الكنسية أن القديس مار توما الرسول مر بمدينة الموصل في طريقه إلى الهند، حيث أقام في الموقع الذي شيدت فيه الكنيسة لاحقاً. وأقيمت الكنيسة تخليداً لاسمه. أقدم توثيق تاريخي معروف لها يعود إلى القرن الثامن الميلادي في عهد الخليفة العباسي المهدي.
تحتوي الكنيسة على نقوش وزخارف فنية نادرة تعود إلى العصر الأتابكي، لكنها تعرضت لتدمير واسع خلال سيطرة تنظيم "داعش" على المدينة عام 2014، بالإضافة إلى أضرار إنشائية ناتجة عن تقادم عمرها التاريخي. ويأتي ترميم الكنيسة اليوم ليعيد إليها هيبتها المعمارية ومكانتها الرمزية كأحد الشواهد الحية على جذور التعدد الديني والثقافي في الموصل، التي تستعيد ملامحها التاريخية بعد سنوات من الخراب.