شهدت السنوات الأخيرة، خلال ما يسمى بالمرحلة الانتقالية، انتقادات حادة لظاهرة الفساد من قبل شخصيات إعلامية، والتي تم تقديمها كأمثلة مثالية تدعو إلى النزاهة والعدالة الاجتماعية. ولكن، للأسف، انتهى الأمر ببعض هذه الشخصيات إلى اتهامهم بالفساد أمام القضاء.
تستمر وسائل الإعلام في تقديم شخصيات تهاجم الآخرين بعيوبها، في محاولة لإثارة الضجيج وتقديم الفساد كظاهرة طبيعية في المجتمع، مما يعكس ما يسمى بالإسقاط النفسي، حيث يتم إلقاء عيوب الفرد على الآخرين لتجنب مواجهة الذات.
إن تجاهل هذه الظاهرة أصبح أمرًا خطيرًا، ويتطلب تقديم الأدلة أمام القضاء بشأن حالات الفساد أو استغلال المنصب. فقد ساهمت هذه الظاهرة في فقدان الثقة بالدولة ومؤسساتها، وأصبحت تُستخدم في الصراعات السياسية والطائفية، مما يهدد الأمن العام.
تتطلب هذه المسألة تدخل الجهات المعنية، سواء من خلال إنشاء هيئة لمراقبة البرامج التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي لرصد الادعاءات ومطالبة مقدميها بالأدلة، أو إحالتهم إلى القضاء بتهمة الادعاء الكاذب. كما يجب تشريع قانون يعاقب من يتهمون الآخرين دون تقديم أدلة، ويشجع على الإبلاغ عن حالات الفساد.
إن الإفلات من المساءلة القانونية لمن يعانون من الإسقاط النفسي لا يعفيهم من عواقب أفعالهم، حيث يُستخدم هذا الإسقاط أيضًا من قبل بعض المتصيدين في الإعلام لزعزعة الأمن وإثارة الفرقة لأغراض سياسية.