طور العلماء نظامًا جديدًا يمكنه تحويل الهواتف الذكية العاملة بنظام أندرويد إلى أجهزة لكشف الزلازل في الوقت الفعلي، مما يوفر وسيلة أسرع لتحذير السكان قبل حدوث الهزات الأرضية الكبيرة. يعتمد هذا النظام على بيانات ملايين الهواتف لاكتشاف أولى إشارات الاهتزازات الزلزالية.
عندما تسجل مجموعة من الأجهزة حركة أرضية متطابقة، يقوم النظام بتحديدها وإرسال تنبيهات للمستخدمين في المناطق المجاورة. يتميز هذا النظام بقدرته على الاستفادة من الموجات الزلزالية الأولية (P-waves) التي تسبق عادة الموجات التدميرية الرئيسية (S-waves) بثوان معدودة، وهي ثوانٍ قد تعني الفرق بين الحياة والموت، حيث تمنح الناس فرصة للاحتماء أو إيقاف العمليات الخطرة.
أظهرت النتائج الأولية للنظام، التي نُشرت في مجلة Science، أداءً مثيرًا للإعجاب، حيث تلقى الغالبية العظمى من المستخدمين تحذيرات قبل شعورهم الفعلي بالزلزال. نجح النظام في رصد أكثر من 300 زلزال شهريًا، وأكد 85% من الذين شعروا بالزلزال لاحقًا استلامهم التحذير، حيث تلقى 36% منهم التنبيه قبل بدء الهزة و28% أثناء الهزة.
يتمتع النظام بفاعلية خاصة في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية، حيث تتوفر أعداد كبيرة من الهواتف الذكية واتصالات إنترنت مستقرة. ومع ذلك، لا يُعتبر النظام بديلاً كاملاً عن شبكات الرصد الزلزالي التقليدية، حيث تنخفض دقته في المناطق الريفية أو ذات الكثافة السكانية المنخفضة.
من الناحية التقنية، تم دمج النظام مباشرة في نظام تشغيل أندرويد، مما يعني أنه يعمل في الخلفية دون الحاجة إلى تدخل من المستخدم أو تنزيل تطبيقات إضافية، مما يضمن انتشاره على نطاق واسع. يتوفر النظام حاليًا في عدة دول معرضة للزلازل مثل اليابان وتركيا وإندونيسيا.
رغم أن فكرة استخدام الهواتف الذكية للكشف عن الزلازل ليست جديدة تمامًا، فإن دمج النظام مباشرة في نظام التشغيل يمنحه ميزة كبيرة من حيث الانتشار والسرعة. ويؤكد الباحثون أن المستقبل سيشهد مزيدًا من التكامل بين أنظمة الرصد العلمية التقليدية وهذه الشبكات الجماعية الذكية، مما سيمكن من بناء أنظمة إنذار مبكر أكثر شمولاً وموثوقية.
هذا التطور التكنولوجي يفتح آفاقًا جديدة في مجال الحماية من الكوارث الطبيعية، خاصة في الدول النامية التي تعاني من نقص في البنية التحتية للرصد الزلزالي.