شهدت الدورة الـ78 من مهرجان "كان" السينمائي الدولي حضورًا بارزًا للعراق، حيث مثلت ثلاثة أفلام متنوعة تعكس تاريخ السينما العراقية وتطورها. في قسم "كان كلاسيك"، تم اختيار الفيلم العراقي "سعيد أفندي" (1956) للمخرج كاميران حسني، بعد ترميمه بدقة 4K، ليكون أول عمل سينمائي عراقي ينضم إلى هذا القسم المرموق. الفيلم، الذي يعكس واقعية اجتماعية مؤلمة، يروي قصة "المعلم سعيد" الذي يواجه تحديات الحياة في حي شعبي بعد مغادرته منزله في بغداد.
يعتبر "سعيد أفندي" علامة فارقة في تاريخ السينما العراقية، حيث أسس لمرحلة جديدة تركز على هموم الإنسان بعيدًا عن النزعة التجارية السائدة في الإنتاجات السابقة. عرض الفيلم في مهرجان "كان" يمثل استعادة لهوية بصرية فقدت وسط الحروب، ويعيد السينما العراقية إلى الساحة العالمية.
كما تمثل الحاضر العراقي من خلال الفيلم الروائي "كعكة الرئيس" (المعروف أيضًا بـ "مملكة القصب") للمخرج حسن هادي، الذي يتناول قصة لميعة، الشابة العراقية التي تُكلّف بإعداد كعكة عيد ميلاد للطاغية صدام حسين خلال فترة الحصار. يعكس الفيلم الضغوط الاجتماعية والسياسية التي عانى منها المواطنون في تلك الفترة.
بالإضافة إلى العروض الفنية، تم إنشاء "الجناح العراقي" في مهرجان "كان"، مما أتاح الفرصة لصناع السينما العراقيين للتواصل مع نظرائهم من مختلف أنحاء العالم، وهو جزء من المبادرة الحكومية لدعم السينما الوطنية.
تدور أحداث "مملكة القصب" في أوائل التسعينيات، حيث تعيش لميعة وجدتها في مزرعة قصب، فيما يعكس الفيلم واقع الحياة اليومية تحت الحصار، باستخدام مشاهد من الأهوار الجنوبية التي تمثل جزءًا من التراث الثقافي للعراق.
يمثل حضور الفيلمين في مهرجان "كان" تحولًا مهمًا في السينما العراقية، حيث تسعى البلاد لاستعادة دورها الثقافي العالمي من خلال الاستثمار في الفنون وتوثيق الذاكرة.