الذكاء الاصطناعي: ثورة في قراءة التاريخ القديم

يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في دراسة النصوص القديمة، حيث يتيح للعلماء إمكانية قراءة وإعادة بناء الكتابات التي كانت تُعتبر غير قابلة للاسترداد. من المخطوطات الرومانية المحترقة إلى الألواح المسمارية المتآكلة، يُفتح أمامنا كنز من البيانات التاريخية. في أكتوبر 2023، تمكنت عالمة البرديات من اكتشاف نص يوناني قابل للقراءة من لفة بردية احترقت في ثوران جبل فيزوف عام 79 ميلادي. جاء هذا الاكتشاف بفضل مشروع يستخدم الذكاء الاصطناعي لمساعدة الباحثين في قراءة النصوص القديمة التي كانت بعيدة عن متناولهم لأكثر من ألفي عام. تتجاوز إمكانيات الذكاء الاصطناعي مخطوطات فيزوف، حيث تسهم الشبكات العصبية ونماذج التعلم العميق في فك شفرات اللغات القديمة، بدءًا من اليونانية واللاتينية وصولاً إلى الكتابات القديمة الأخرى. هذه التقنيات قادرة على اكتشاف الأنماط في المخطوطات التالفة، مما يوفر رؤى جديدة في اللغات المنسية والسجلات التاريخية. من بين التقدمات الكبيرة، يُستخدم نموذج متطور في جامعة أكسفورد لسد الفجوات في النقوش اليونانية القديمة، مما يُظهر دقة أكبر من الاقتراحات التي يقدمها الخبراء البشر. كما يُستخدم الذكاء الاصطناعي في كوريا الجنوبية لترجمة السجلات التاريخية المكتوبة بحروف الهانجا، مما يساعد في معالجة مئات الآلاف من المقالات بسرعة وكفاءة. تسهم التقنيات الحديثة أيضًا في دراسة النصوص المسمارية القديمة، حيث يُستخدم مشروع لتحليل الألواح المسمارية وكشف سطور مفقودة من ملحمة جلجامش. من خلال مسح ورقمنة هذه السجلات، يُكتشف ثروة من المواد التي قد تستغرق عقودًا لتحديدها يدويًا. تُعد الجهود المبذولة لقراءة المخطوطات من هيركولانيوم، المدينة الرومانية القديمة المدفونة تحت الرماد، من بين المشاريع الأكثر طموحًا. تكشف الأساليب الحديثة عن أعمال فلسفية يونانية غير معروفة سابقًا، مما يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام في هذا المجال. بينما يُعزز الذكاء الاصطناعي الدراسات الأكاديمية، يواجه العلماء تحديات جديدة تتعلق بحجم المعلومات الكبير وضرورة معالجة قضايا الدقة والملكية. يعتقد الخبراء أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل المنهجيات التقليدية، بل سيعيد تشكيل الطريقة التي نفهم بها التاريخ، مما يوفر طرقًا جديدة لتفسير العالم القديم.

2025-01-04 13:00:30 - مدنيون

المزيد من المشاركات