عاد الجدل حول اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت إلى الواجهة، ليفتح النقاش حول مسألة السيادة الوطنية والالتزامات الدولية. تعد هذه القضية واحدة من أكثر المواضيع حساسية في الوعي العراقي، وقد اختلطت فيها الحقائق القانونية بالمواقف السياسية والشعبية.
خور عبد الله هو ممر مائي يقع شمال الخليج العربي، يفصل شبه جزيرة الفاو العراقية عن جزيرة بوبيان الكويتية. منذ ترسيم الحدود بين العراق والكويت بعد حرب الخليج الثانية، كانت هذه المنطقة محل نقاش قانوني وسياسي.
بعد اجتياح العراق للكويت عام 1990، أصدرت الأمم المتحدة عدة قرارات، منها القرار 687 الذي أسس الأساس القانوني لترسيم الحدود، والقرارات اللاحقة التي أكدت على الالتزام بترسيم الحدود. اعتُبر خور عبد الله منطقة حدودية مشتركة، تتطلب تنظيم استخدامها عبر اتفاق مشترك.
في عام 2012، تم توقيع اتفاقية بين العراق والكويت لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله، وصادق عليها البرلمان العراقي في 2013. هذه الاتفاقية تهدف إلى تنظيم الملاحة دون التنازل عن السيادة العراقية، حيث تضمن حرية الوصول إلى الموانئ العراقية.
مؤخراً، قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون المصادقة على الاتفاقية، مما أدى إلى تفسيرات سياسية وإعلامية متباينة. ولكن من الناحية القانونية، فإن الاتفاقيات الدولية لا يمكن إلغاؤها من طرف واحد دون اتباع الإجراءات الرسمية، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
الموقف القانوني السليم للعراق يتطلب الاعتراف بالواقع الدولي والقرارات الأممية، حيث أن العراق ملزم بموجب تلك القرارات التي وافق عليها رسمياً. ومع ذلك، يحق للعراق، من خلال مبدأ السيادة المتوازنة، حماية مصالحه البحرية وتطوير قدراته المينائية.
العراق اليوم يعيش فترة استقرار سياسي واقتصادي، ويركز على علاقاته مع الدول العربية. ومع اقتراب القمة العربية في بغداد، يؤكد رئيس الوزراء على الالتزام بقرارات مجلس الأمن، مما يعكس رغبة العراق في تعزيز دوره كدولة مسؤولة.
إن التعامل مع ملف خور عبد الله يجب أن يعكس روح الشراكة والواقعية، حيث يسعى العراق إلى تحقيق توازن بين التزاماته الدولية ومصالحه الوطنية، ليكون عنصراً أساسياً في استقرار المنطقة.