تعيش الأرض في مرحلة تحول جوهري في أنماط الطقس الفضائي، حيث تشير التوقعات العلمية إلى دخول عصر جديد من النشاط الشمسي المكثف في العقود القادمة. كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في مركز أبحاث الغلاف الجوي عن أدلة قوية على زيادة ملحوظة في التوهجات والعواصف المغناطيسية الشمسية، مما قد يؤدي إلى تأثيرات كبيرة على كوكب الأرض، خاصة على التكنولوجيا الحساسة مثل الأقمار الصناعية وشبكات الكهرباء. استندت الدراسة إلى مراجعة بيانات أقمار صناعية تمتد لعقود، والتي تقيس كثافة الجسيمات المشحونة مثل البروتونات القادمة من الشمس. أظهرت هذه البيانات ارتفاعاً مستمراً في كثافة الجسيمات على مدى 45 عاماً، حتى بلغت ذروتها في عام 2021، ثم بدأت في الانخفاض مع بداية الدورة الشمسية الحالية. يرتبط هذا النشاط الظاهري بظاهرة فلكية تعرف باسم "دورة غلايسبرغ"، التي تم اكتشافها عام 1958، وتستمر لمدة حوالي 100 عام. وفقاً لهذه الدورة، يتصاعد النشاط الشمسي على مدار أربع دورات ثم ينخفض في الأربع التالية. تشير البيانات الحالية إلى أننا دخلنا مرحلة تصاعدية ستستمر لعقود. ومع ذلك، تحمل هذه العواصف الشمسية وجهين مختلفين؛ من جهة، تشكل تهديداً للبنية التحتية التكنولوجية الحساسة، حيث يمكن أن تتسبب التوهجات الشمسية القوية في تعطيل شبكات الطاقة وأنظمة الاتصالات، ومن جهة أخرى، تؤدي الزيادة في النشاط الشمسي إلى آثار إيجابية، مثل انخفاض كثافة الجسيمات المشحونة عالية الطاقة المحيطة بالأرض. يؤدي النشاط الشمسي المتزايد إلى تسخين الغلاف الجوي العلوي للأرض، مما يسبب تمدده ويعمل كدرع واقٍ ضد البروتونات عالية الطاقة. ومع ذلك، يحذر العلماء من المخاطر المحتملة، خاصة خلال فترات الذروة الشمسية، حيث تزداد احتمالية وقوع عواصف مغناطيسية مفاجئة يمكن أن تسبب اضطرابات كبيرة. أحد الأمثلة على ذلك هو الحادث الذي وقع في مايو الماضي، حيث أدت عاصفة شمسية إلى "هجرة جماعية" لآلاف الأقمار الصناعية. ورغم التحديات، فإن الفهم المتزايد لهذه الظواهر يفتح آفاقاً جديدة لاستكشاف الفضاء، حيث ستتقلص المخاطر الصحية على رواد الفضاء، مما يسهل المهمات الطويلة المدى.