تُعتبر الدعاوى الكيدية وسيلة للإضرار بالآخرين وتعطيل مصالحهم، مما يؤدي إلى إشغال المحاكم بقضايا تفتقر إلى الأسس القانونية الحقيقية. ورغم وجود نصوص قانونية صريحة في التشريعات العراقية لمعالجة هذه الظاهرة، فإنها تتزايد في العراق.
أكد قضاة على ضرورة تطبيق عقوبات رادعة وتفعيل آليات التعويض، بالإضافة إلى ضمان التحقيق السريع بحق مرتكبي هذه الجريمة. وشددوا على أهمية الاستشارة القانونية والحلول التفاوضية لتفادي النزاعات الكيدية قبل اللجوء إلى القضاء.
قال قاضي محكمة تحقيق الرصافة، إن "الدعوى الكيدية هي دعوى ترفع ضد شخص دون وجه حق، بهدف الإضرار به، مع علم المدعي بأنه ليس له حق في ذلك، وتعد إساءة لاستعمال حق التقاضي وسبباً في إهدار الوقت واستنزاف الموارد". وأضاف أن المحكمة تعتمد على عدة معايير للتفريق بين الدعوى الحقيقية والكيدية، مثل نية المدعي ووجود الأدلة وسلوك المدعي.
أوضح القاضي أن "أكثر صور الدعاوى الكيدية شيوعاً تشمل دعاوى المطالبة بحقوق غير مستحقة ودعاوى الابتزاز العاطفي والانتقام، فضلاً عن الدعاوى التي تهدف إلى تعطيل مصالح الخصم". كما أشار إلى تنوع الدوافع وراء هذه الدعاوى، مثل الانتقام والضغط والابتزاز.
وأكد أن "المشرع العراقي عالج هذه الظاهرة بنصوص قانونية تتيح للمحكمة رفض الدعوى أو اتخاذ إجراءات قانونية ضد مقدمها، حيث يعتمد تحديد كيدية الدعوى على انتفاء الأدلة المشروعة". وأضاف أن إثبات كيدية الدعوى قد يؤدي إلى فرض عقوبات على المدعي.
لفت القاضي إلى أن "الكشف عن الدعاوى الكيدية يمثل تحدياً للقضاء، إذ ليس دائماً واضحاً التمييز بين الحق المشروع وسوء النية، خاصة في ظل غياب الأدلة القطعية". وبيّن أن المحامين يلعبون دوراً مهماً في الحد من هذه الظاهرة من خلال تقديم المشورة القانونية الدقيقة.
تتضمن آثار الدعاوى الكيدية تداعيات اجتماعية واقتصادية سلبية، مثل تدهور العلاقات بين الأفراد وزيادة العبء على النظام القضائي. ودعا القاضي المواطنين إلى التأكد من صحة الدعوى والبحث عن حلول بديلة قبل اللجوء إلى القضاء.
من جهته، أشار نائب رئيس محكمة استئناف نينوى إلى أنه لا يوجد معيار قانوني ثابت للتفريق بين الدعوى الحقيقية والكيدية، بل يعتمد القضاء على مؤشرات متعددة. كما أكد أن الدوافع المعتادة لدعاوى الكيدية تشمل الانتقام الشخصي، الضغط للحصول على منافع، وعرقلة الإجراءات القضائية.
اختتم القاضي بالتأكيد على أهمية تجنب الدخول في الدعاوى الكيدية واللجوء إلى القضاء فقط عند وجود حق ثابت، مع ضرورة استشارة محامٍ قبل رفع الدعوى.