يمثل حقل الكفل النفطي، الذي اكتُشف لأول مرة عام 1960، حالة فريدة في قطاع الطاقة العراقي، حيث لم يدخل هذا الحقل في مرحلة الإنتاج التجاري حتى الآن، رغم احتياطات النفط المقدرة بنحو 500 مليون برميل وفق التقييمات الأولية. يشير التأخير الذي امتد لـ65 عامًا في تطوير الحقل إلى واحدة من أكثر القصص الغامضة حول الثروات غير المستثمرة في العراق، في وقت تسعى فيه الحكومة لجذب الاستثمارات لزيادة الإنتاج وتعزيز الإيرادات.
على الرغم من الجهود التي بذلتها وزارة النفط في السنوات الأخيرة لاستقطاب الشركات العالمية من خلال عدة جولات ترخيص، فإن حقل الكفل لا يزال بعيدًا عن خطط الإنتاج الفعلي، رغم موقعه الاستراتيجي في محافظة النجف الأشرف.
أعلنت وزارة النفط أن جولات التراخيص الأخيرة، وخصوصًا الجولة الخامسة التكميلية والجولة السادسة، تضمنت محاولة جادة لإعادة إدراج الحقل ضمن أولويات التطوير، مع فتح المجال أمام الشركات الصينية للاستثمار.
كما أعلنت شركة نفط الوسط عن خطط ميدانية لإعادة تقييم الآبار القديمة، وتحديد مواقعها بدقة، بعد أن تراكمت الرمال عليها، مما يعكس الإهمال الذي تعرض له هذا المورد الحيوي لعقود.
يضم حقل الكفل أربعة آبار نفطية، وقد أكد رئيس لجنة الإدارة المشتركة لحقول الفرات الأوسط أن أيًا من هذه الآبار لم يشهد إنتاجًا تجاريًا حتى الآن، مشيرًا إلى أن الاحتياطي الأولي للحقل يُقدَّر بنحو 500 مليون برميل من نفط الزبير الثقيل.
صرح وزير النفط مؤخرًا بدعوة الشركات العالمية للتنافس على تطوير 13 حقلًا وموقعًا استكشافيًا، بما في ذلك حقل الكفل، مؤكدًا أهمية تهيئة بيئة مناسبة لضمان نجاح عمليات التطوير.
تسعى شركة زونغمان الصينية، التي فازت بعقود تطوير حقول الفرات الأوسط، إلى بدء العمل الفعلي وتطبيق تقنيات حديثة لزيادة كفاءة الإنتاج.
في خطوة عملية، نفذت الفرق الفنية من شركة نفط الوسط جولة ميدانية لتحديد موقع بئر كفل 2 بعد إزالة الرمال التي غطتها لعقود، مما يسهل عمليات الإنتاج المستقبلية.
تظهر التحركات الأخيرة تحولًا في النظرة الرسمية تجاه حقول الفرات الأوسط، ومع دخول الشركات الآسيوية، يبقى نجاح المشروع مرهونًا بقدرة الشركاء على تجاوز التحديات اللوجستية والتقنية.
يعد حقل الكفل النفطي شاهدًا على الفجوة بين الإمكانات والواقع، وقد يتحول إلى رافعة اقتصادية جديدة في حال تم استثماره بجدية واستراتيجية واضحة.