توقفت مفاوضات العراق لاستيراد الغاز المسال مع الجزائر وسلطنة عمان، في ظل جهود بغداد للبحث عن مصادر بديلة لتأمين الإمدادات مع اقتراب اكتمال تجهيز محطة الاستيراد. وأفادت مصادر أن "مفاوضات بغداد مع مسقط والجزائر متوقفة منذ أكثر من شهرين، نظرًا لعدم تقديم الجانب العراقي الضمانات الكافية بخصوص طريقة السداد". وأوضحت المصادر أن "الجانبين الجزائري والعماني غير متحمسَين للمضي قدمًا في تصدير الغاز المسال، نظرًا لمحدودية الأحجام التي تريد بغداد التعاقد عليها".
في الوقت نفسه، تتفاوض بغداد حاليًا مع إحدى الشركات الأميركية لتأمين عقد استيراد طويل الأجل للغاز المسال، خصوصًا بعد ترسية تشييد أول محطة عائمة لاستقبال شحنات الغاز المسال على شركة أميركية.
كما أكدت المصادر أن العراق بصدد الاتفاق النهائي لاستيراد الغاز المسال القطري، لتفعيل مذكرة التفاهم التي تم توقيعها قبل ثلاث سنوات ونصف. وتضمن الاتفاق المبدئي استعداد الجانب القطري لتوريد العراق بنحو 1.5 مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال.
من جهة أخرى، أكدت مصادر جزائرية أن بغداد لم تكن جادة في مسألة الاتفاق بشأن عقد قصير أو طويل الأجل، وسط مخاوف من الجزائر حول قدرة العراق على الوفاء بالتزامات الدفع. وأفاد مصدر بأن "الجميع يعلم تعثر العراق في السداد لإيران، ونحن لا نريد تكرار المسألة نفسها مع دولة عربية شقيقة".
ويعاني العراق من مستحقات متأخرة تصل إلى نحو 12 مليار دولار عن وارداته من الغاز والكهرباء الإيرانية، والتي تمثل حوالي 40% من إمدادات الطاقة في البلاد، خصوصًا في فصل الصيف.
في سياق متصل، أعلنت بغداد مؤخرًا عن ترسية عقد تشييد أول محطة لاستيراد الغاز المسال على شركة "إكسيليريت إنرجي" الأميركية، في إطار مساعي البلاد للحد من الاعتماد على الإمدادات الإيرانية. وقد بحث وزير الكهرباء مع وفد من شركة "إكسيليريت" خطوات استيراد الغاز المسال ومعالجته عبر المنصة العائمة في خور الزبير، استعدادًا لصيف 2026.
وتعهدت الشركة الأميركية بتوريد الغاز قبل صيف 2026، مما يمثل خطوة استراتيجية لتأمين احتياجات العراق من الغاز لتشغيل محطات الكهرباء خلال أوقات الذروة. ستُمكّن المحطة المقترحة من استيراد الغاز المسال لدعم توليد الكهرباء، والمساعدة في استقرار الشبكة الوطنية.
تُعدّ ترسية محطة استيراد الغاز المسال خطوة تمهيدية، ويبقى تطوير المحطة رهنًا بنجاح المفاوضات وتنفيذ اتفاقيات تجارية ملزمة. تأتي هذه الخطوة بعد إنهاء الولايات المتحدة الإعفاءات للعراق لشراء الكهرباء من إيران، في إطار خطط لتشديد الضغوط على طهران.
تعتزم بغداد البدء في استيراد الغاز المسال بمجرد اكتمال تجهيز البنية التحتية في ميناء خور الزبير، التي تشمل التعاقد على منصة عائمة للتفريغ والتخزين، وربطها بأنبوب بطول 40 كيلومترًا، لنقل الغاز عبر الربط بالأنبوب الوطني القريب من شط البصرة. وقد حددت حكومة بغداد أربع دول لاستيراد الغاز المسال، تشمل قطر والجزائر وسلطنة عمان والبرازيل، ضمن مساعيها لتأمين الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء. ومن المتوقع أن يبلغ حجم واردات العراق من الغاز المسال عبر المنصة العائمة إلى 400 مليون قدم مكعبة يوميًا، ما يعادل قدرة إنتاجية تتراوح بين 1500 و2000 ميغاواط من الكهرباء.