ندرة المياه في العراق تثير دعوات لتغيير العقيدة المائية
دخل العراق مرحلة الندرة المائية بعد إعلان الحكومة عن أزمة مائية متفاقمة، حيث انخفض نصيب الفرد من المياه إلى أقل من 500 متر مكعب سنويًا، وهو مستوى يقل كثيرًا عن خط الفقر المائي العالمي البالغ 1000 متر مكعب للفرد. ويقول الخبير البيئي أنس الطائي إن "هذه الأزمة ليست ظرفًا مؤقتًا، بل نتيجة انخفاض واردات الأنهار جراء بناء السدود وتحويل مجاري الأنهر في دول المنبع، بالإضافة إلى التغير المناخي الذي يزيد من درجات الحرارة ويؤدي إلى زيادة معدلات الجفاف وتراجع الأمطار". وأوضح الطائي أن "التراجع انعكس مباشرة على القطاع الزراعي الذي يعد أكبر مستهلك للمياه في العراق، حيث تقلصت المساحات المزروعة بنحو 50% في بعض المحافظات، كما ارتفعت معدلات ملوحة الأراضي والمياه الجوفية في وسط وجنوب العراق، مما أدى إلى هجرة آلاف العائلات من الأرياف إلى المدن بحثًا عن مصادر رزق بديلة". وقد أطلقت منظمات بيئية محلية ودولية تحذيرات من استمرار الوضع الحالي الذي يهدد بانهيار النظام البيئي وزيادة معدلات التصحر. وأدى تفاقم أزمة شح المياه في محافظات جنوب العراق، مثل البصرة وذي قار وميسان، إلى خروج تظاهرات شعبية احتجاجًا على تدهور الخدمات وانعدام مياه الشرب وتراجع فرص العمل. من جانبه، حذر الخبير الأمني عماد العلو من أن "استمرار شح المياه سيزيد من معدلات البطالة والنزوح الداخلي وينذر باضطرابات أوسع في هذه المناطق إذا لم يتم التدخل سريعًا". أما الخبير البيئي حيدر الكفيشي، فقد اقترح حلولاً لأزمة ندرة المياه تتمثل في تغيير العقيدة المائية للعراقيين، وتعزيز ثقافة إدارة الموارد، وتحديث أساليب الري، والتعاون الإقليمي. ودعا إلى "ضرورة التفاوض مع دول المنبع لضمان حصة عادلة من المياه، وإنشاء مشاريع تحلية خاصة في المناطق الجنوبية". وخلص الكفيشي إلى أنه "يجب نشر حملات توعية في المدارس والمجتمع لتغيير السلوك المائي وتشجيع زراعة المحاصيل الأقل استهلاكًا للماء". إن الندرة المائية في العراق لم تعد مجرد تحذيرات نظرية، بل واقع يعيشه ملايين العراقيين اليوم، مما يستدعي تحركًا سريعًا واستراتيجيات مستدامة لتجنب كارثة مائية تهدد الاستقرار في البلاد.
2025-09-20 13:00:25 - مدنيون