طور فريق من العلماء أداة جديدة تستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ باحتمالية إصابة الأشخاص بأكثر من 1000 مرض، بما في ذلك السرطان، خلال السنوات العشر المقبلة. يأمل العلماء أن تساعد هذه التقنية في تحديد المرضى الأكثر عرضة للأمراض، مما يتيح الوقاية منها قبل ظهورها بسنوات.
تعمل الأداة على تقييم احتمالية إصابة الشخص بأمراض خطيرة مثل السرطان وأمراض القلب والسكري، وتحديد توقيت ظهورها. تم تدريب النموذج، المعروف باسم Delphi-2M، على تحليل سجلات طبية سرية، بالإضافة إلى عوامل نمط الحياة مثل التدخين وشرب الكحول والسمنة، للتنبؤ بما قد يحدث في العشرين سنة القادمة.
تم اختبار النموذج باستخدام بيانات 400 ألف مريض من دراسة البنك الحيوي في المملكة المتحدة، و1.9 مليون شخص من السجل الوطني للمرضى في الدنمارك. يأمل العلماء أن تساعد هذه التقنية المرضى على معرفة احتمالية إصابتهم بالأمراض مع مرور الوقت، مما يتيح التدخل المبكر والرعاية الوقائية.
أكد البروفيسور إيوان بيرني، المدير التنفيذي للمختبر الأوروبي لعلم الأحياء الجزيئي، أن الأداة يمكن استخدامها في عيادات الأطباء لمساعدة المرضى على فهم المخاطر الصحية واتخاذ خطوات للوقاية. وقد أوضح قائلاً: "سيتمكن الطبيب من توجيه المريض بالقول: هذه المخاطر الرئيسية، وهذه بعض النصائح لتغيير الوضع".
أضاف أن النصائح ستشمل إنقاص الوزن والإقلاع عن التدخين، مع تقديم توصيات أكثر تحديدًا لبعض الأمراض. ومن جانبه، أشار البروفيسور موريتز جيرستينغ، الخبير في علم الأحياء الحسابي للسرطان، إلى أن النموذج يمثل "بداية طريقة جديدة لفهم صحة الإنسان وتطور الأمراض"، ويمكن استخدامه في برامج الفحص المبكر وتقدير عدد الأشخاص المتوقع إصابتهم بأمراض معينة لتسهيل التخطيط الصحي.
ورغم دقة النموذج في التنبؤ بالأمراض التي تتطور تدريجياً، مثل السكري من النوع الثاني والنوبات القلبية، إلا أن قدرته محدودة في التنبؤ بالأحداث العشوائية مثل العدوى. حذر خبراء آخرون من الإفراط في تفسير النتائج، مشيرين إلى تحيز بيانات التدريب. وأوضح البروفيسور جاستن ستيبينغ: "ينقل النموذج التحيزات الموجودة في البيانات، بما في ذلك اختيار المتطوعين الأصحاء". كما أشار البروفيسور بيتر بانستر إلى أن التحدي يكمن في ضمان وجود بنية تحتية رقمية ومهارات كافية لجميع الفئات للاستفادة من هذه التقنية.
يرى العلماء أن Delphi-2M يمثل خطوة مهمة نحو التنبؤ بمجموعة واسعة من الأمراض على مدى طويل. كما يشير الخبراء إلى أن دمج بيانات إضافية، مثل المؤشرات الحيوية والتصوير والجينوميات، يمكن أن يحوّل الأداة إلى منصة متكاملة للطب الدقيق.