تحديات الانتخابات في الديمقراطيات الناشئة

تعد الانتخابات الديمقراطية عنصرًا أساسيًا في بناء الدولة، ولكنها ليست كافية بمفردها لتحقيق ذلك. إذ تتطلب الانتخابات وجود دولة مستقلة لضمان ديمقراطية حقيقية. تُسهم الانتخابات في تشكيل نخب سياسية تسعى لتحقيق الصالح العام، ولكن السؤال يبقى: هل نجحت الانتخابات العامة في العراق في تشكيل نخب من هذا النوع؟\n\nفي المجتمعات التي تمر بتجارب ديمقراطية ناشئة، يسهل التأثير على قرارات الناخبين ذوي الوعي السياسي الضعيف، مما يؤثر سلبًا على كفاءة النخبة الحاكمة. يتطلب الأمر أن يتمتع القادة المنتخبون بصفات قيادية تتيح لهم معالجة القضايا التي تصب في مصلحة المجتمع. يجب أن تكون هناك معايير واضحة للتمييز بين رجال الدولة والقادة السياسيين، إذ إن نجاح القادة في الانتخابات لا يتوافق بالضرورة مع مؤهلاتهم كرجال دولة.\n\nتشير التجارب الانتخابية في العراق إلى أن الانتخابات قد تفتح المجال أمام بعض الأشخاص الديماغوجيين، مما يصعب على الناخبين التمييز بين من يصلح لقيادة الدولة ومن لا يصلح. تلعب العلاقات الزبائنية والتوجهات العشائرية والطائفية دورًا كبيرًا في التأثير على سلوك الناخبين، مما ينتج عنه نخبة سياسية قد لا تكون نزيهة.\n\nعندما تستمد النخبة السياسية شرعيتها من نتائج الانتخابات دون تقديم إنجازات ملموسة، فإن ذلك يخفف من الحاجة إلى تقديم مرشحين أكفاء. ويعاني التحول الديمقراطي في العراق من تدخلات خارجية، مما يؤدي إلى ضعف العملية السياسية.\n\nلقد أسهم النظام الانتخابي القائم على التمثيل النسبي في زيادة عدد الأحزاب وتشتت الأصوات، مما أثر سلبًا على أداء البرلمان. كما أدى نظام القائمة المغلقة إلى تعزيز بقاء الأحزاب التقليدية في السلطة، مما حرم الناخبين من اختيار المرشحين الأكفأ. \n\nتشير الزيادة التدريجية في نسبة عزوف الناخبين عن الانتخابات إلى عدم رضاهم عن أداء الحكومات، ويرتبط ذلك بتفشي الفساد وفقدان الثقة بنزاهة العمليات الانتخابية.\n\nنتيجة لعمل نظام المحاصصة، لم تشهد المنافسة الانتخابية التنافس الفعلي بين النخب السياسية، مما ساهم في تعزيز نفوذ النخب المتنفذة في تعديل النظام الانتخابي وفق مصالحها. وقد أدت التجارب الانتخابية إلى تكوين نخبة برلمانية تتمتع بولاء فرعي، مما يعزز الانتماءات العشائرية والطائفية على حساب الانتماء الوطني، مما يضعف من دور الانتخابات في تشكيل نخبة سياسية قادرة على تحقيق الصالح العام.

2025-08-06 07:45:24 - مدنيون

المزيد من المشاركات