محكمة التمييز تؤكد قدرتها على التعامل مع نزاعات الأحوال الشخصية بروح القانون

أكدت محكمة التمييز الاتحادية قدرتها العالية على التصدي لنزاعات الأحوال الشخصية بروح القانون، مشيرة إلى أن الفوضى الإعلامية لم تؤثر في قناعات قضاة محاكم الأحوال الشخصية. \n\nوقال نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية، القاضي كاظم عباس، إن "قضاء الأحوال الشخصية يعد من أكثر أنواع القضاء ارتباطاً بالإنسان وخصوصياته، إذ يتناول قضايا مهمة مثل الزواج، الطلاق، النسب، النفقة، الحضانة، والإرث. لذا، يجب على من يتولى الفصل في هذه القضايا أن يتحلى بحس إنساني عالٍ ونفَس قضائي طويل، مع نزعة تصالحية تسعى إلى لمّ شمل الأسرة وتغليب مبدأ العدالة الاجتماعية على الحرفية القانونية البحتة".\n\nوأضاف، أن "المشرع حين وضع قوانين الأحوال الشخصية، لم يستند فقط إلى قاعدة قانونية صلبة، بل استند إلى خصوصية الأسرة في البناء الاجتماعي، وضرورة أن يكون القاضي حريصًا على الحفاظ على كيان الأسرة بدلاً من تمزيقها. لذا، يجب قراءة النص القانوني في هذا المجال بروح العدالة، لا بحرفية الزجر والردع".\n\nوتابع: "على الرغم من التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها المجتمع العراقي، وما نتج عنها من زيادة في عدد النزاعات الأسرية المعروضة على محاكم الأحوال الشخصية، فإن هذه المحاكم، بدعم من محكمة التمييز الاتحادية، أثبتت قدرتها على التصدي لتلك النزاعات بروح القانون، وأرست مبادئ اجتهادية حافظت على كيان الأسرة العراقية ومنعت زعزعة بنيتها التكوينية".\n\nوأشار إلى أن "هذا الحقل القضائي لم يسلم من تدخلات خارجية، حيث تحولت قضايا الأحوال الشخصية في السنوات الأخيرة إلى موضوعات إعلامية يتم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي بدون وعي، مما أدى إلى تداول مصطلحات مثل (الطلاق، الحضانة، النفقة) بطرق تفتقر إلى الفهم الدقيق لطبيعة هذه الملفات الحساسة".\n\nولفت إلى أنه "على الرغم من عدم تأثير الفوضى الإعلامية في قناعات قضاة محاكم الأحوال الشخصية، فإن الخطر الحقيقي جاء من المحكمة الاتحادية خلال رئاسة جاسم العميري، حيث أصر على تجاوز صلاحيات محكمته والتدخل في اختصاص محاكم الأحوال الشخصية".\n\nوفي القضية المرقمة (33/اتحادية/2022)، أقام المدعي دعوى للطعن بعدم دستورية قرار رقم 1000 لسنة 1983، المتعلق بنفقة الأولاد والمطلقة. وقد ردت المحكمة الدعوى، معتبرة القرار متوافقاً مع أحكام الدستور.\n\nومع ذلك، ضمت المحكمة الاتحادية في قرارها تفسيراً إلزامياً لمضمون القرار 1000، ما يعد مخالفة للمادة (93/ثانياً) من الدستور التي حصرت اختصاص المحكمة الاتحادية بتفسير النصوص الدستورية فقط.\n\nوأضاف القاضي عباس أنه حتى لو تمكنت المحكمة من تفسير نص قانوني أثناء نظرها للدعوى، فإن هذا التفسير لا يعد ملزماً لأي محكمة أو جهة أخرى بعد أن قررت دستورية النص، ويترك تأويله للقاضي المختص بالنزاع، وليس للمحكمة الاتحادية التي انتهى دورها برد الطعن.\n\nوأوضح أنه "أمام هذا الخرق لمبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء، تصدت محكمة التمييز الاتحادية للمشهد بشجاعة، عبر قرارها المرقم (14/الهيئة العامة/2022)، الذي أكد أن تفسير القاضي لنص القانون هو من صميم وظيفته القضائية ولا سلطان لأحد عليه في ذلك".\n\nواختتم قوله: "لقد أعاد هذا القرار الأمور إلى نصابها وأعاد الاعتبار لاستقلال القضاء في مجال الأحوال الشخصية، ووضع حداً لمحاولات تسييس النزاعات الأسرية تحت عباءة الدستور، التي كانت تهدف إلى الضغط على القاضي وتجريده من سلطته التقديرية التي تعد جوهر العدالة في هذا المجال."

2025-08-03 23:00:40 - مدنيون

المزيد من المشاركات