أثرت الهزيمة الانتخابية التي تعرض لها الائتلاف الحاكم في اليابان بقيادة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا بشكل كبير على المشهد الداخلي، مما أدى إلى ارتباك واسع في الأسواق المالية وزيادة المخاوف لدى وكالات التصنيف الائتماني بشأن الوضع المالي العام. تأتي هذه التوترات في ظل المطالب المتزايدة بخفض ضريبة الاستهلاك وتوسيع الإنفاق الحكومي لمواجهة الغلاء وتآكل القوة الشرائية.
فقد فقد الائتلاف أغلبيته في مجلس الشيوخ بعد أن خسر سابقاً السيطرة على مجلس النواب، مما يضعف من قدرة الحكومة على تمرير التشريعات ويفرض عليها الدخول في تفاهمات صعبة مع أحزاب المعارضة. تسعى هذه الأحزاب إلى تطبيق سياسات مالية توسعية تشمل خفض الضرائب وزيادة الدعم النقدي.
على الرغم من تعهد إيشيبا بالبقاء في منصبه، فإن الاضطراب السياسي دفع المستثمرين إلى اتخاذ موقف حذر، حيث تراجع مؤشر «نيكي» بنسبة 0.11% عند الإغلاق بعد أن بلغ 40 ألف نقطة في بداية الجلسة.
تجاوز القلق حدود اليابان، حيث حذرت وكالة «موديز» من أن أي خفض في الضريبة العامة على الاستهلاك، والمقدرة بـ 10% و8% للمواد الغذائية، قد يؤثر سلباً على التصنيف السيادي لليابان إذا لم يكن مصحوباً بخطط طويلة الأجل لضبط العجز المالي. كما أشار كريستيان دي غوزمان، نائب رئيس الوكالة، إلى أن الانقسام السياسي قد يسرع من اتخاذ قرارات توسعية غير محسوبة.
ترافق هذا الترقب في سوق الأسهم مع ارتفاع في أسعار السندات الحكومية اليابانية، حيث سجلت العقود الآجلة للسندات العشرية ارتفاعاً واضحاً، وانخفض العائد إلى 1.51% بعد أن بلغ أعلى مستوياته منذ عام 2008.
يشير الخبراء إلى أن نتائج الانتخابات قد تعكس رفضاً شعبياً للسياسات النقدية قصيرة الأجل، مما يعزز فرص المعارضة في فرض رؤيتها بخفض الضرائب على حساب الاستقرار المالي. ويحذر المحللون من أن أي توسع في العجز دون خطط تمويل واضحة قد يواجه ردود فعل سلبية من الأسواق ووكالات التصنيف.
تواجه الحكومة تحديات كبيرة بين المطالب الشعبية بتخفيف الأعباء المعيشية والحفاظ على التصنيف الائتماني للدولة. يحذر المسؤولون من أن خفض الضرائب قد يؤثر سلباً على قدرة الدولة على تمويل نظام الرعاية الاجتماعية، خاصة في ظل التحديات الديمغرافية المتزايدة.
تتجه الحكومة نحو تقديم ميزانية إضافية في الخريف، قد تتضمن تنازلات مالية إضافية، مما قد يدفع اليابان إلى مرحلة جديدة من التوسع المالي، مع ضرورة الحذر من الرقابة الدولية. في هذا السياق، تدخل اليابان مرحلة توازن حرجة بين دعم النمو الداخلي وضمان الاستقرار المالي، حيث تترقب الأسواق والجهات الدولية القرارات المقبلة التي ستحدد ملامح الاقتصاد الياباني في السنوات القادمة.