أكدت دراسة علمية حديثة أن ممارسة أنشطة بسيطة لا تتجاوز خمس دقائق يومياً يمكن أن تعزز المشاعر الإيجابية وتزيد من مستويات السعادة. وقد أجرى باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو الدراسة ضمن مبادرة أطلق عليها اسم "مشروع السعادة الكبرى"، ونشرت نتائجها في دورية Journal of Medical Internet Research في مطلع يونيو.
وتوصل الباحثون إلى أن تخصيص خمس دقائق يومياً لممارسة ما أطلقوا عليه "تصرفات الفرح المصغرة"، وهي أفعال بسيطة تهدف إلى تعزيز المشاعر الإيجابية، يمكن أن يقلل من مستويات التوتر ويحسن الصحة العامة ويعزز جودة النوم بشكل ملحوظ.
أوضحت الدكتورة إليسا إيبل، الخبيرة في مجال التوتر وعلوم الشيخوخة، أن ممارسات بسيطة مثل الاستماع إلى ضحكات عفوية أو التأمل في زهرة خلال نزهة أو تقديم خدمة صغيرة لصديق يمكن أن تحدث تحولا ملموسا في الحالة النفسية. وعلقت إيبل على النتائج قائلة: "لقد فاجأتنا حقيقة حجم التحسن الذي لاحظناه في الصحة العاطفية للمشاركين".
اعتمدت الدراسة على عينة ضخمة بلغت 18 ألف مشارك من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا، واستمرت على مدار عامين. وتميز البحث بأنه الأول من نوعه الذي يركز على تقييم تأثير الممارسات البسيطة التي لا تتطلب وقتاً طويلاً أو جهداً كبيراً.
أظهرت النتائج أن المشاركين الذين التزموا بهذه الممارسات لمدة أسبوع واحد فقط حققوا نتائج إيجابية مماثلة لتلك التي تتحقق عادة من خلال برامج علاجية أو تدريبية تستغرق شهوراً.
تضمنت الدراسة سبعة أنشطة موزعة على سبعة أيام، مثل مشاركة لحظات فرح مع الآخرين، القيام بأعمال لطيفة للغير، وكتابة قائمة بالمسائل التي يشعر المرء بالامتنان لها. وقد صممت الأنشطة لتعزز ثلاث فئات من المشاعر: الأمل والتفاؤل، الدهشة والإعجاب، المرح والترفيه.
ولقياس التأثير، خضع المشاركون لتقييم شامل للصحة النفسية والجسدية في بداية ونهاية الأسبوع التجريبي. كشفت النتائج عن تحسن في جميع المؤشرات، حيث كانت درجة التحسن مرتبطة بشكل مباشر بمستوى الالتزام بالبرنامج، مما يشير إلى أن الأفراد الذين أكملوا الأسبوع بالكامل سجلوا تحسناً أكبر.
ورغم النتائج الواضحة، تبقى الآلية الدقيقة التي تجعل هذه الممارسات البسيطة ذات تأثير قوي على الحالة المزاجية محل تساؤل، حيث تطرح البروفيسورة إيبل فرضية بأن هذه الأنشطة قد تعمل على كسر الحلقات السلبية في التفكير وإعادة توجيه الطاقة العقلية نحو مسارات أكثر إيجابية.